"خطاب الكراهية"

لا يزال مصطلح «خطاب الكراهية» قابعاً بين مزدوجين، ولن يتحرر منهما إلا بعد الاعتراف به ومضغه وابتلاعه، ثم لفظه بعد استهلاكه، والتوجه نحو مصطلح آخر.
ذلك دأبنا منذ بدأنا استيراد المصطلحات عوضا عن بذل جهود محلية، علمية استقرائية، تلامس جزئيات واقعنا، لعلنا نستخرج ما يصلح للبناننا من علاجات إعلامية.
على الرغم من كون نسبة كبيرة من المادة الإعلامية، بجميع أشكالها، تتضمن تنامياً في بث الكراهية على المستويات المذهبية والطائفية والدينية، إلا ان ذلك التنامي يتساير مع تحول المنطقة إلى ساحة مفتوحة للصراعات التي لا يمكن التكهن بموعد انتهائها.
تلك الصراعات، في جانب كبير منها، مستوردة من البيئة عينها التي أنتجت وتنتج مصطلحات ومبادئ لمعالجة تداعياتها الإعلامية. إلا ان الصراعات وجدت منطقتنا أرضاً خصبة شبه جاهزة، فتفاعلت وتزاوجت مع تاريخ طويل من الأحقاد الطائفية والمذهبية المحلية. وباتت تنتج مشاهد الدمار الحالي، بما يرافقه من إقصاء وترهيب وقتل وذبح، معنوياً ولفظياً وجسدياً. وإلى جانب ذلك يبقى النموذج اللبناني فريداً في تفريخ الأحقاد وتناوب الجهات والأقطاب على تدويرها وإعادة إنتاجها.
سنكون على موعد مع ورشة تنطلق غداً تحمل عنوان «الإعلام وخطاب الكراهية في المنطقة العربية: تجارب وخبرات»، تنظمها «مهارات».. وسيكون المشاركون العرب وغير العرب، أمام فرصة قراءة تجربتنا اللبنانية في تبطين وتظهير الكراهية واستدامتها.
ألا يستدعي نموذجنا الرائد بذل جهود أبعد من استيراد مصطلحات ومبادئ، ثم ابتداع خطط عملانية لتطبيقها قسراً؟ ألا يستدعي إبداعنا في توارث الأحقاد بعض الاحترام، والاعتراف به كماركة مسجلة ممهورة بـ«احذروا التزوير»؟
عماد الدين رائف

Comments